زيارة
النبي صلى الله عليه وسلم
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو رحمة الله للعالمين،
اصطفاه الله
تعالى وبعثه بالحق هاديا ونصيرا. فكانت بعثته رحمة.
{وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}
واختصه ربه عز وجل بالكثير من الخصائص
والفضائل. وأيده بالمعجزات
الباهرة وارضاه في أمته.
{كنتم خير أمة أخرجت للناس}
{ولسوف يعطيك ربك فترضى}
وميزه على سائر إخوانه صلوات الله وسلامه
عليهم بالشفاعة العظمى والمقام
المحمود ولا عجب ولا غرابة فهو سيد
الخلق وعروس الوجود في يوم يعاتب فيه الخلق من
الرب المعبود وأنزل عليه
القرآن الكريم هداية ورحمة فغاص النبي صلى الله عليه وسلم
في بحاره
وجمع من درره وأصدافه ما تنوء الجبال بحمله. فكان صلى الله عليه وسلم أقوى
من
الجبال وأعمق من البحار. فبلغ في الخلق العظيم منتهاه فكان في محل الثناء
من
مولاه.
{وإنك
لعلى خلق عظيم}
ولقد
اختارنا الله تعالى لنكون أمته وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله
ذو
الفضل العظيم. لذا وجب علينا طاعته واتباعه وإظهار حبه
ومودته
{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم
الله ويغفر لكم ذنوبكم
}
{وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه
فانتهوا}
وقد أمرنا بزيارته في حياته وبعد وفاته
تبركا بقربه. ومزيدا من الخير
والرحمة في جواره تطلب شفاعته. وتحظى
بشرف السلام عليه ليرد علينا بنفسه. ونشتغل
بدعاء ربنا عز وجل في رحابه
وحضرته ليمن علينا ربنا بالمغفرة والعفو في حضرته.
فيذكرها لنا عند
ربنا فتثقل بها موازيننا وتزداد بها طيبات
أعمالنا.
فشد الرحال لزيارته قربى. وزيارته
والسلام عليه طاعة وزلفى. فيا سعادة
من حظي بالنوال. ويا شقاوة من حرم
الزيارة وهو يقدر عليها. أو يريدها فيمنع منها
لعصيانه. وسواد قلبه
وجهالة فكره. وسوء معتقده.
والغبي المضلل هو كل من نهى عنها ورأى شد الرحال لأجلها سفر
معصية ولا
يجوز قصر الصلاة فيه. لأن الزيارة قربة وطاعة والسفر إليها
قربة وطاعة. بهذا تظاهرت
النصوص رغم أنف المعاندين والمكابرين. وعلى
هذا أجمعت الأمة. وبهذا أفتى الأئمة
وصنفوا فيها الكتب ووضعوا لها
الأبواب. وكل يبغي بعمله أن يكون له وسيلة إلى
العلام. جزاهم الله عن
الإسلام خير الجزاء. وغفر للشارد والضال شروده وضلالاته.
وجمع الأمة
على كلمة سواء حتى تكون لها الغلبة التي كانت لسلفها الصالح ولأهمية هذه
الزيارة
ونظرا لخطورتها أفراد لها العلماء والفقهاء أبوابا في كتب الفقه والحديث
والسيرة.
يشرحون أحكامها وآدابها ويبينون ثمرتها وأهدافها وقد ورد الإذن بها
والترخيص
فيها. في القرآن الكريم وفي السنة المطهرة وأجمعت على ذلك
الأمة.
ففي القرآن الكريم نتلو قول الله تعالى:
{ولو أنهم ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا
الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا
الله توابا رحيما} (النساء: 64)
والسفر إليه بعد وفاته كالسفر إليه في
حياته. لأنه حي في قبره قال
الإمام القرطبي في التفسير: روي أبو صادق
عن علي قال: قدم علينا إعرابي بعد ما دفنا
رسول الله صلى الله عليه
وسلم بثلاثة أيام. فرمى بنفسه على قبر رسول الله صلى الله
عليه وسلم
وحثا على رأسه من ترابه. فقال: يا رسول الله قلت. فسمعنا قولك ووعيت عن
الله
فوعينا عنك. وكان فيما أنزل الله عليك:
{ولو أنهم إذا ظلموا أنفسهم ..}
وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي. فنودي من
القبر أنه قد غفر
لك.